التضاريس والتباين الاقليمي المناخي والنباتي في الجزائر
يتميز سطح الجزائر بنطاقين طبيعيين متميزين ومختلفين من حيث الملامح التضاريسية والتركيب الجيولوجي والمناخ والانتشار السكاني والتركيز الاقتصادي :
• النطاق الشمالي ومساحته نحو 400 الف كم 2 يغلب عليه الطابع الجبلي ، في سلسلتين متوازيتين ، الاطلس التلي والاطلس الصحراوي ، اللذين يحصران بينهما منطقة هضبية واسعة . هذه المرتفعات حديثة النشاة غير مستقرة تشكيلاتها تعود للزمنين الثاني والثالث . مناخها متوسطي والغطاء النباتي كثيف والزراعة واسعة ويتركز في هذا النطاق 90% من جملة سكان الجزائربكثافة متوسطة : 40نسمة / كم2 ز وتنتشر فيها اهم المدن والقرى والمناطق الصناعية وشبكات البنية التحتية .
• النطاق الجنوبي ،/ ومساحته نحو 2 مليون كم 2 وهو عبارة عن قاعدة صحراوية قديمة تعود الى ما قبل الكمبري ويمتاز بتضاريسه الهادئة ، باستثناء المنطقة الشمالية الشرقية . مناخه جاف والغطاء النباتي محدود ، والاستقرار السكاني يقتصر على الواحات وبعض مناطق استغلال البترول والغاز بكثافة سكانية 1 نسمة / كم 2 ويحتوي هذا النطاق على اهم الثروات الباطنية الجزائرفي وتقسم الى الاقاليم الطبيعية التالية :
• الساحل :ويشغل هذا الاقليم شريطا محدودا يتكون من شواطىء صخرية صلبة ، حيث تطل الجبال التي ساعدت على ظهور الخلجان والموانئ مثل وهران وارزيو و اجزائر وبجاية وسكيكدة وعنابة والى جانبها رؤوس صخرية ممتدة داخل البحر ، مثل رؤوس : ملوية ، وفالكون وكربون و كافالو .
• الاطلس التلي :ويمتد على شكل مجموعة من السلاسل الجبلية الالتوائية الحديثة التكوين باتجاه جنوب شرق وشمال شرق وتحصر بينها جيوبا سهلية ساحلية ضيقة اشهرها سهول : وهران والمتيجة وعنابة وزسهول داخلية مرتفعة واسعة نسبيا في احواض الانهار والاودية وسفوح الجبال اشهرها سهول تلمسان وسيدي بلعباس والسرسو وفسنطينة .
وتمتد جبال هذا الاقليم من مرتفعات تلمسان على حدود المغرب ، حتى جبال سوق اهراس عند حدود تونس شرقا والاطلس التلي اكثر ارتفاعا واتساعا في الشرق منه في الغرب ، واعلى ارتفاع له في جبال الجرجرة عند قمة لالة خديجة 2308 م .
• الهضاب العليا : وتمتد على شكل حزام عرضي من الاراضي يتراوح علوها ما بين 900 و 1000 م وهي اكثر ارتفاعا في الشرق ، حيث تاخذ احيانا طابع الجبل ، وبها العديد من المنخفضات ، اهمها : سطيف وعين البيضاء وتبسة والاحواض المغلقة ذات التصريف الداخلي ، حيث تنتشر السبخات والشطوط ، واهمها الشط الشرقي وشط الحضنة .
ويشكل العارض التضاريسي المتمثل في جبل الحضنة ، الحد الفاصل بين الهضاب الشرقية والهضاب الغربية ، كما تلتقي سلسلة الاطلس التلي مع سلسلة الاطلس الصحراوي عند جبال الاوراس في شكل عقدة جبلية متميزة .
يشكل هذا الاقليم اهم مناطق زراعة الحبوب في الجزائر منذ القدم ، وقد شكل على مر التاريخ ، وقبل الاحتلال الفرنسي للجزائر ،/ العمود الفقري للمعمورالجزائري واهم مناطقه الاقتصادية والسكانية .
• الاطلس الصحراوي : وهو عبارة عن منظومة جبلية ، طولها 700 كم ،من فجيج غربا حتى اقليم الزاب شرقا ، باتجاه جنوب غرب ، وتمثل بموقعها وارتفاعها ، حدا طبيعيا انتقاليا بين الشمال والجنوب وحاجزا في وجه رمال الصحراء ، وتضم هذه المنظومة الجبلية مرتفعات عديدة شبه متوازية , تتخللها فتحات وخوانق ودروب وتسلكها الاودية المنحدرة نحو الصحراء ، كما تشكل ممرات طبيعية لشبكة المواصلات بين الصحراء والشمال، سفوحها الجنوبية شديدة الانحدار بسبب الصدوع التي تفصلها عن القاعدة الصحراوية القديمة ، خلافا عن السفوح الصحراوية القديمة ، خلافا السفوح الشمالية التي هي اقل انحدارا ، اهم تشكيلاتها : جبال القصور وبها قمة سيدي عيسى 2238 م ، وجبال عمور واولاد نايل والحضنة وجبال الاوراس حيث قمة الشلية : 2380 م وجبال النمامشة .
• الصحراء : وهي اقليم شاسع ، اغلب تكويناته صخور قديمة بركانية تمتاز بالرتابة والانبساط واهم التشكيلات التضاريسة للصحراء هي :
نطاق المنخفضات : في الشمال الشرقي حيث منخفض ملغيغ (32 م ) تحت مستوى سطح البحر ، وتنتشر هنا اهم واحات الجزائر:في وادي ريغ ، وادي سوف والزيبان
نطاق الهضاب الصخرية : ويحتل مناطق وسط الصحراء اهمها هضبة تادميت : 836 م فوق سطح البحر وحمادة تينرهرت الليبية قرب الحدود الليبية . وحمادة الدراع غرب تندوف . هذا النطاق تكويناته صلبة تغطيها صخور جيرية رملية على شكل صفائح طبقية تسمى الحمادة .
نطاق المرتفعات في الجنوب الغربي للصحراء في منطقة التاسيلي ناجر ، اغلب تكويناته الجبلية ناتجة عن اضطرابات بركانيةلا تزال فوهاتها بارزة وهي شاهقة الارتفاع 2254م متقطعة بها وادي جرات الذي يشكل معلما اثريا عالميا ، حيث رسوم التاسيلي القديمة . وفي منطقة الهقار الشاسعة حوالي 0.5 مليون كم 2 المكونة من الصخور البركانية اعلى قمة في كتلة الاتاكور ، شمال تمنراست في تاهات : 2918م وهي اعلى ارتفاع في الجزائر .
نطاق الرمال : وهو عبارة عن سهول تحاتية تغطيها الرمال تشمل اكبر اجزاء الصحراء واهم اشكالها :
الرق : وهو سهل صخري يغطيه الحصى او احواض منخفضة ملاتها السيول الجارفة لالرواسب الصخرية وهي صالحة للحركة حيث تشكل مسارات العديد الطرق الصحراوية .
والعرق : وهو سطح واسع الاطراف تغطيه كثبان رملية يتراوح ارتفاعها ما بين 260و 500 م وتنتشر بكثافة في الشرق حيث العرق الشرقي الممتد من الحدود التونسية حتى المنخفض الذي يفصل اتدميت والمنيعة وفي الغرب حيث العرق الغربي الممتد مابين بني عباس والمنيعة اضافة الى عرق الشاش وايقدي .
• تتحكم الظروف الناشئة عن تداخل الموقع بالنسبة لدرجات العرض وتوزع اليابسة والماء والتضاريس واتجاهاتها وارتفاعاتها واتساع مساحة الجزائر في رسم الصورة المناخية العامة للبلاد حيث تظهر ثلاث نطاقات مناخية رئيسة لها بصمات مميزة تمتد على شكل نطاقات عرضية من الغرب من الشرق ومرتبة إلى الشمال من الجنوب كالتالي:
مناخ البحر المتوسط :
• ويغطي المناطق المحاذية لساحل البحر شمال الأطلس التلي ومن تنس إلى القالة وهو نطاق ضيق مقارنة باتساع مساحة الجزائر طقسه معتدل ويتميز بفصلين متباينين الأول مطير ودافئ وطويل وهو الشتاء والثاني جاف وحار وقصير وهو الصيف والمدى الحراري ضئيل عموما. ويمكن التمييز ضمن هذا النطاق بين مناخ المتوسط الرطب الذي يغطي منطقة القبائل الصغرى من الجرجرة إلى القل وهو أكثر رطوبة حيث يزيد معدل المطر عن 1000ملم في الجرجرة والبابور وحوالي 2000 ملم في القل حيث توجد منطقة الزيتونة أكثر مناطق الجزائر مطرا بنحو 2443ملم /سنة كما تدوم الثلوج في هذه المنطقة لفترة تزيد عن 10 أيام في السنة والغطاء النباتي فيه كثيف من نوع الغابة أساسا والنوع الثاني هو مناخ المتوسط شبه الرطب الذي يغطي باقي مناطق التل بمعدل مطري يبلغ 700ملم/سنة.
مناخ الاستبس:
• ويغطي الهضاب العليا وهو مناخ انتقالي بين المناخ المتوسط والصحراوي وهنا تبدأ ملامح المناخ المتوسطي في الانحسار تدريجيا من الشمال لتفسح المجال للمناخ الجاف المتميز بالظروف القارية فالأمطار تتراوح ما بين 300-500ملم/سنة فهي غير منتظمة والفوارق الحرارية الشهرية متطرفة
و الهضاب العليا الشرقية شبه جافة مناخها قاري (50يوم جليد في السنة و 30 يوم سيروكو) والهضاب العليا الوسطى والغربية تحت الجافة فالأمطار فيها اقل كمية وانتظاما فلا تزيد عن 400ملم /سنة
مناخ الصحراء:
• ويغطي أوسع أنحاء الجزائر ويشكل الأطلس الصحراوي الحد المناخي الفاصل بين شمال وجنوب البلاد الأمطار قليلة وغير منتظمة تقل عن 200ملم/سنة والجو جاف والحرارة عالية والفوارق الحرارية اليومية والفصلية مرتفعة باستثناء منطقة الهقار المتأثرة بالمناخ المداري حيث الأمطار تسقط صيفا والحرارة أكثر اعتدالا
يتدرج هذا المناخ تدريجيا ابتداء من السفوح الجنوبية للأطلس الصحراوي الذي يقدم صورة مناخية فريدة حيث السفوح الشمالية تكسوها الغابات وقممها تغطيها الثلوج بسبب وصول التأثيرات البحرية الرطبة الباردة وبمعدل مطري يتراوح ما بين 800-900ملم/سنة والسفوح الجنوبية المواجهة للصحراء تتأثر بالمناخ الصحراوي القاحل وهكذا تتعايش غابات الصنوبر والسدر مع واحات النخيل على بعد 30 كلم
- أما فيما وراء الأطلس الصحراوي فانه يسيطر الجفاف ولا تزيد كمية الأمطار عن 200ملم
مقدمة: يعكس الغطاء النباتي الظروف المناخية وخصائص التربة السائدة فيالجزائر التي تشكل العناصر الأساسية في رسم الصورة النباتية حيث ينتشر نحو 3300 صنف نباتي منها640من الأصناف النادرة عالميا .
وتتوزع الأقاليم النباتية في الجزائر على النحو التالي :
1. إقليم المتوسط:
ويغطي الأراضي المحصورة بين السفوح الجنوبية للأطلس التلي وساحل البحر المتوسط مناخه حار وجاف وقصير صيفا ، ورطب ودافئ وطويل وممطر شتاء وتربته جيدة وخصبة وهو لذلك أوفر مناطق الجزائر نباتا وأعناها نوعا ، كما توجد بهذا الإقليم أخصب الأراضي الفلاحية ذات الإنتاجية العالية .
التشكيلات النباتية:
أهم التشكيلات النباتية في هذا الإقليم الغابات الدائمة الخضرة وتغطي مساحة قدرها 3.8مليون هكتار منها650الف هكتار غابات طبيعية و 550 الف هكتار غابات غير طبيعية إضافة إلى الأحراش الكثيفة في مناطق المطر التي يزيد فيها معدل التساقط عن 1000مم/ سنة .
الحياة النباتية في هذا الإقليم نشطة طوال العام وهو يتميز بتعدد أنواع النبات ضمنها غابات الصنوبر على مساحة 700 الف هكتار والبلوط 500 الف هكتار والفلين 440 الف هكتار ، ( اكبر غابة فلين في حوض المتوسط بعد البرتغال )
والأرز 30الف هكتار إضافة إلى أشجار الزان والأشجار المنقولة مثل الزيتون والحمضيات بمختلف أشكالها ويعتبر هذا الإقليم نطاق إنتاج الفاكهة الأول فيالجزائر .
2. إقليم السهوب : وهو إقليم انتقالي بحكم موقعه بين إقليم المتوسط والصحراء وتنتشر في تخومه الشمالية أشجار الزيتون وفي تخومه الجنوبية أشجار الديرين ويتراوح في هذا الإقليم معدل التساقط ما بين 300و 500 مم/سنة الذي يكون أساسا في الشتاء وفترة الجفاف فيه طويلة الذي سيكون أساسا في الشتاء وفترة الجفاف والحرارة أكثر ارتفاعا حيث تتزايد الفوارق الحرارية اليومية والفصلية والتربة فيه فقيرة ، إضافة إلى انتشار السباخ والتربة الملحية التي لاتساعد على نمو النبات .
وتظهر التشكيلات النباتية في هذا الإقليم على شكل تجمعات كثيفة أو مفتوحة من الأعشاب والحشائش القصيرة والشجيرات في المناطق غير الصالحة للزراعة ، وتتميز بأهميتها الرعوية حيث يعتبر هذا الإقليم نطاق المراعي الطبيعية الأول في الجزائر ، وموردا طبيعيا متجددا تستفيد منه أهم قطعان الثروة الحيوانية في الجزائر وخاصة الأغنام ، كما يلعب الغطاء النباتي في هذا الإقليم دورا في حماية البيئة الطبيعية والمحافظة على التربة من التعرية .
واهم الأنواع النباتية السائدة هي الحلفاء على نحو 4 مليون هكتار التي لها أهمية مزدوجة اقتصاديا كمادة أولية لصناعة الورق وكمراعي طبيعية إلى جانب السدر والبطوم والشيح .
كما يتميز هذا الإقليم بكونه أهم المناطق إنتاج الحبوب في الجزائر، حيث حلت الزراعات الإنسانية مكان النبات الطبيعي وهي مورد اقتصادي هام، يتميز به هذا الإقليم منذ العصور التاريخية الغابرة حيث كان دائما نطاق الحبوب الأول في الجزائر.
3. إقليم الصحراء : وتترك الظروف المناخية القاحلة السائدة في هذا الإقليم بصماتها على الغطاء النباتي حيث يبلغ الجفاف هنا ذروته ويقل متوسط الأمطار عن 200مم/سنة ، و الطبيعة القاسية والتربة نادرة لان الأراضي التي تكسوها الرمال المتحركة أو التي تكون مكسوة بطبقة صخرية كالحمادة إضافة إلى الملوحة . لا تساعد على نمو النبات .
ويقتصر الغطاء النباتي في هذا الإقليم على التشكيلات المتآلفة من الجفاف وارتفاع الحرارة التي تحتل مجاري الأودية والمناطق التي تتواجد بها مياه باطنية قريبة من سطح الأرض ، خاصة في الواحات وهناك مناطق خالية تماما من الحياة النباتية تسمى محليا تانزروف كما أن الأنواع النباتية المنتشرة في هذا الإقليم محدودة ، لاتتجاوز بضعة أنواع معظمها مجرد من الأوراق فروعها قصيرة ، وتكثر بها الأشواك للتغلب على الجفاف والتبخر ، وجذورها طويلة بحثا عن المياه الباطنية واهم هذه التشكيلات النخيل في الواحات والدرين والعناب والطرفة السنط .
ونشاط الرعي محدود في هذا الإقليم والزراعة محصورة في مناطق الاستصلاح المعتمدة على الري بالمياه الجوفية ، التي توسعت مساحتها بصورة محسوسة في العشر سنوات الأخيرة لكن الضغوط الطبيعية القاسية وارتفاع تكاليف عملية الاستصلاح وتقنيات الري جعلت من هذه الزراعة أمرا مكلفا وعمرها الافتراضي مرتبط بكمية مخزون المياه الباطنية غير المتجددة .
وعموما فان الغطاء النباتي في الجزائر يعاني من التدهور وانخفاض الإنتاجية وأصبحت ظاهرة التصحر تهدد الأراضي بسبب الاستغلال غير الرشيد و الحرائق التي أدت إلى اندثار وندرة عدد من الأنواع النباتية إلى جانب تصاعد عملية التعرية . وقد استدعت هذه المشكلة اهتمام الدولة الجزائرية مبكرا حيث قامت باتخاذ عدة تدابير أهمها مشروع السد الأخضر ومشروع حماية المناطق السهبية ، كمحاولة للسيطرة على زحف الصحراء وخلق توازن طبيعي ومناخي يساعد على الحياة البشرية والحيوانية وعلى تحقيق إنتاج إضافي من منتجات الغابة المختلفة وخلق ظروف ملائمة للتوسع في الزراعة والإنتاج الحيواني وبالتالي استقرار السكان لكن النتائج المحققة لم تكن بالمستوى المطلوب بسبب مشاكل التمويل والصيانة والحماية .
وبناءا على هذه الدراسات و الأبحاث فعلينا نحن اليوم كشبان إيجاد الحلول اللازمة و الاقتراحات المناسبة للحفاظ على مواردنا الطبيعية و البيئية.